قصص سردية
الساقي

طلب الجد حبيب من أحد أحفاده أن يجلب له بعض الماء ليشرب، أخذ الكأس من يد حفيده وشكره على ذلك، ثم قال بسم الله الرحمن الرحيم وبدأ بشرب الماء على ثلاث دفعات، في المرة الأولى شرب القليل من الماء وقال: الحمد لله، ثم شرب الثانية وقال: السلام عليك يا أبا عبد الله الحسين، ثم شرب الثالثة وقال: رحمك الله يا تحسين، وعندما انتهى من الشرب استغرب حفيده وسأله: من هو تحسين الذي ذكرته عندما شربت الماء يا جدي؟ اجلس الجد حبيب حفيده في حجره وقال له: إن تحسين يا عزيزي هو مقاتل شاب من مدينة بغداد، كان معنا ضمن صفوف الحشد الشعبي، وكنا نقاتل في منطقة جبال مكحول، وهي منطقة جبلية مليئة بالدواعش آنذاك، عندما دخلنا إليها حدثت معركة كبيرة بيننا وبين الدواعش وتمت محاصرتنا من قبل القناصين، وبقينا نقاوم لوقت طويل، حتى نفد منّا الماء، وأصابنا العطش، وهنا برز شاب شجاع، اسمه تحسين، تطوع لجلب الماء، رغم خطورة الأمر، بدأ بالزحف نحو مجموعة أخرى من الحشد على مقربة منّا، كنا نسمع رمي الدواعش عليه وهو يزحف ويزحف حتى غاب عن أنظارنا. بقينا على هذا الحال حتى طلوع الفجر، وكدنا نموت من شدة العطش، وإذا بتحسين قد ظهر مرة أخرى، يحتضن قنينة ماء كبيرة، لكنه لم يزحف هذه المرة، بل تقدم نحونا شامخًا، غير خائف من رصاص الدواعش، أسوة بالساقي أبي الفضل العباس (ع) عندما ذهب ليجلب الماء لعيال الحسين (ع)، نزع تحسين درعه ووضعه حول قنينة الماء كي لا يصيبها الرصاص وتقدم نحونا، ونحن نحاول تشتيت العدو عنه برمي كثيف، لكنه أصيب مرة تلو الأخرى، وملئ الرصاص جسده، إلا أنه قاوم حتى أوصل الماء الينا، ثم سقط شهيدًا بالقرب منّا.. هذا هو تحسين الساقي، ولهذا كنت اذكره عند شرب الماء؛ لأنه ضحى بنفسه من أجل أن يسقينا. قصة: علاء سعدون
أكثر المواضيع قراءة