قصص سردية
سأصبحُ صياداً ماهراً

في صباحِ أحدِ الأيامِ خرجَ الأسدُ يتجولُ في الغابةِ بحثاً عن فريسةٍ يسدُّ بها جوعَهُ وجوعَ ابنهُ الصَّغير (الشبل) الذي يرافقه لأولِ مرةٍ في رحلةِ الصَّيد، فهو لم يمتلكْ خبرةً كبيرةً في الصَّيدِ لكن من الواجبِ أن يُجربَ حتى يتعلمَ أن يعتمدَ على نفسهِ في المستقبل، وفي أثناءِ سيرِهما قالَ الأسدُ لأبنه: يا بُني أن للصيدِ قوانينٌ يجبُ أن تتعرفَ عليها وتُتقنَها لكي تصبحَ صياداً ماهراً، فاجابه (الشبل) بنبرةٍ واثقة: سأُصبحُ صياداً ماهراً ما دمتُ شجاعاً، فابتسمَ الأسد قائلاً: الشجاعةُ وحدها لا تكفي يا بُني، فيجبُ أن تكونَ صبوراً أولاً، وتُخططُ بذكاءٍ للحصولِ على فريستِكَ ثانياً، وتُتقنُ فنَ الاختباءِ ثالثاً، فهزَّ(الشبل) رأسَهُ كأنَّهُ يقولُ لأبيه: حسناً، على الرغمِ أن ملامحَ وجهه كانت لا تدلُ على الاقتناعِ كثيراً بكلامِ أبيهِ لأنَّهُ يظنُ أن شجاعتَهُ وقوتَهُ لا يستطيعُ أحدٌ من الحيواناتِ مواجهتها، وبينَما هما يسيرانِ وسطَ الغابةِ سمعَ الأسدُ صوتَ أقدامٍ تتجهُ نحوَهما، فقالَ لابنهِ: أشمُ رائحةً لفريسةٍ قادمةٍ نحوَنا، هيا لنختبئ وسطَ الحشائشِ الخضراء، وبعدَ مرورِ دقائقٍ معدودةٍ شاهدَ الأسدُ قطيعاً من الجاموسِ يسرُ على مهلٍ وهو يأكلُ الحشائشَ الخضراء، حينَها همسَ الأسدُ قائلاً لابنهِ: لا تتحركْ كثيراً حتى لا يشعروا بنا، علينا أن ننتظرَ الفرصةَ المناسبةَ للهجومِ لنصطادَ العجلَ الصَّغير، فقالَ(الشبل) بغضبٍ: لماذا العجلُ الصَّغير؟ فأجابه الأسد: إن الجاموسَ أكبرُ منا حجماً ولهُ قروناً قويةً يُمكنُها أن تُحطمَ عظامَنَا، وظلَّ الاثنانِ يتحركانِ ببطءٍ وهما يحنيانِ ظهورهما متخفيانِ بالحشائشِ الخضراء حتى ووصلا عندَ صخرةٍ كبيرةٍ وجلسَ الأسدُ خلفَها يترقبُ حركةَ القطيع، لكن(الشبل) ظلَّ واقفاً يُهيأ نفسهُ للهجومِ وما أن وصلَ العجلُ الصَّغير بالقربِ منهم هجمَ (الشبل) نحوَهُ محاولاً الإمساكِ به لكنه كان وسطَ عددٍ كبيرٍ من الجاموسِ فهجمَ الجاموسُ على (الشبل) وبقرونهِ القويةِ سدَّدَ نحوَهُ الضربات حينَها لم يبقَ لدى الأسدُ خيارٌ غير الهجوم، فنهضَ مسرعاً نحوَ القطيعِ مما جعلَ الجاموسُ يتراجعُ إلى الخلفِ بعيداً عن (الشبل) وبسرعةٍ حملَ الأسدُ (الشبل) وسارَ عائداً إلى عرينهِ وهو يستمعُ إلى تأوهِ الشبلِ الذي أُصيبَ بكسرٍ في قدمهِ، فقالَ لهُ بنبرةٍ حزينة: ألم أقل لكَ كن صبوراً، تصرفكَ الطائش عرضَ حياتَكَ للخطرِ وجعلنا نخسرُ الفريسةَ، فأـجابهُ (الشبل) بصوتٍ خافتٍ حزين: في العجلةِ النَّدامة، أنا آسفٌ يا أبي. قصة: مصطفى عادل الحداد رسوم: زاهد المرشدي
أكثر المواضيع قراءة