قصص سردية

جسرٌ من الكتب

جسرٌ من الكتب

نظمت إدارةُ المدرسةِ رحلةً إلى المكتبةِ العامة في حيّنا وكان الهدفُ من الرّحلةِ التَّعرف على أقسامِ المكتبةِ والإطلاعِ على بعضِ الكتب الثَّقافيةِ وقراءةِ بعض القصصِ الجميلة، وما إن وصلنا إلى المكتبةِ استقبلتنا أمينةُ المكتبة بابتسامةٍ هادئةٍ ورحبت بنا قائلة: أهلاً وسهلاً بكم في مكتبتنا، سرقنا هدوءُ المكانِ وجمالُه ونحنُ نُشاهدُ المكتبات موزعةً في كلِّ أرجاءِ المكان و الطاولات التي رُتبت حولَها المقاعد بعنايةٍ دقيقة، وكل واحد منا راحَ يتنقلُ من ممرٍّ إلى آخر يطالعُ عنوانَ الكتب، وفي هذه الأثناء اقبلت أمينة المكتبة قائلة: أنا سأساعدكم في اقتناء أيُّ كتابٍ ترغبونَ بالإطلاع عليه، فقلتُ بنبرةٍ هادئة قائلاً: أُريدُ كتاباً يتحدثُ عن التَّجاربِ العلمية، سُرتُ خلفَها حتى وصلتُ إلى ركنٍ صُفّت فيه الكتب بشكلٍ مذهلٍ وغريب جداً، فقالت لي: كلُّ هذه الكتب تتحدثُ عن تجاربٍ علميّةٍ رائعة، ثمَّ وضعت يدُها على رأسي قائلة: أختر عنواناً تجده مناسباً لك، قطعت ذهولي وأنا أتمعنُ في الطَّريقةِ المذهلةِ في ترتيبِ الكتبِ حيث كانت كلُّ كومةٍ من الكتبِ مرتبةً بشكلٍ مائلٍ يشبه الجسر، فقلت لها: قبل أن أختارَ كتاباً لي، أُريدُ أن أعرفَ كيف رُتِبت هذه الكتب بهذا الشكل، فضَحِكت قائلة: إنَّها حيلةٌ علمية، فقلتُ باستغراب: كيف ذلك؟ فاحضرت كتاباً ووضعته فوق الطاولة على مسافة قدم (30 سنتمتراً) ثم وضعت فوقه كتاباً آخر لكن وضعته بشكل يخرج عن حافة الكتاب الأول بما يكفي ليكون متوازناً ثم واصلت رص الكتب بالطريقة نفسها حتى أصبحت ثماني كتب، حينها قالت: عندَما نرصُّ الكتبَ بهذه الطريقة، فإن الكتبَ تكونُ بمنزلةِ جسمٍ واحدٍ وتبقى مرصوصةً إلى أن يعجزَ الكتابُ السفلي عن دعمِ مركزِ الثقل وبينما كنتُ أضيفُ كلَّ كتابٍ كان مركزُ الثقل يتغيَّر، ولكن ما دام مركزُ الثقل مدعومًا، لا تسقط الكتب، وهذه الخاصيةُ العلميةُ يستخدمُها المهندسون عندَ تصميمِ الجسور، شكرت أمينة المكتبة على هذه المعلومة الرائعة وقلت لها مبتسماً: سأجعل مكتبتي تبدو بهذا الشكل الجميل، ثم تناولت كتاباً واخترتُ لي مقعداً وجلست أقرأ بهدوء. قصة: مصطفى عادل الحداد رسوم: زاهد المرشدي

إتصل بنا

موقعنا