قصص سردية

السور العظيم

السور العظيم

عند أطراف المدينة كان أحدُ الفلاحين يعيش في وسط مزرعته الواسعة وكان يمتلكُ عدداً كبيراً من أقفاص الدَّجاج التي يعتمدُ عليها في معيشتهِ فهو يبيعُ بيضها في السوق ويربحُ مالاً وفيراً، وفي صباحِ أحدِ الأيامِ استيقظ الفلاح وكعادته خرجَ يتفقدُ أقفاصَ الدَّجاج ويُقدمُ لها الطَّعام والشَّراب فسمع أصوات بكاء قادمة من أحدِ الأقفاص فاسرع نحوه فشاهدَ مجموعةٌ من الدَّجاجات تندبُ حظها وتقولُ: الويل لكَ أيُّها الثَّعلب الماكر... الويل لك، دنا الفلاحُ من الدَّجاجاتِ وعلامات الحزن بادية على وجهه قائلاً: ماذا اصابكم؟ فقالت إحدى الدَّجاجات: هجمَ الثَّعلبُ علينا في الليلِ وسرقَ ثلاث دجاجاتٍ وحاولنا منعه لكن لن نلحق به، قفز سور المزرعة وهرب مسرعاً، ثم قالت أخرى: أن سورَ المزرعةِ قصيرٌ للغاية جعلَ الأمرُ أكثرَ سهولة للثعلب الماكر، أجاب الفلاح بنبرة حزينة: أجل، فالثعلب لا يجيد التسلق، لذا يجبُ أن نرفعَ من بناءِ السُّور لكن هذا الأمر يتطلب جهداً كبيراً ولم نستطع أن نكملَ العملَ بهذه السَّاعات القصيرة، ومن المؤكد أن الثَّعلب سيعودُ هذه الليلة، فقالت إحدى الدجاجات: إذ تعاونا معاً نستطيعُ أن نُكملُ العملَ بسرعةٍ كبيرة، هتف َالجميعُ بصوتٍ واحد: نعم، ونحن مستعدون للعمل، حينها ذهبَ الفلاح إلى السوق واشترى كل ما يحتاجه في البناءِ كالطابوق وغيره وعاد مسرعاً إلى المزرعةِ وبدأَ بالعملِ وإلى جانبه ِوقف صفٌّ من الدجاجاتِ ينقلُ الطابوقَ إليه ولم تمر ألا ساعات قليلة أكمل الفلاح بناءَ السُّور وأصبح عالياً جداً، فَفَرِحَ الجميعُ فرحاً كبيراً وقالَالفلاحُ مبتسماً: اليدُ الواحدةُ لا تنجز، فشكراً لتعاونكم جميعاً، ثم ذهب الجميع ليأخذوا قسطاً من الراحة، وعندَما حلَّ الليلُ حصلَ ما كان يظنُّ به الفلاحُ فقد خرجَ الثَّعلب من بيته متجهاً نحوَ المزرعة وهو يُحدِّثُ نفسه ضاحكاً: هذه المرة سيكون نصيبي من الدَّجاج أكثر من المرة الماضية، لم يعرف أن آماله ستخيبُ هذه المرة، وحينَ وصلَ بالقربِ من المزرعةِ تفاجأ بوجودِ السُّور العالي فقال مستغرباً: هل أضعتُ الطريق وذهبت إلى مزرعةٍ أخرى؟ وأخذَ يدورُ حولَ المزرعةِ محاولاً أن يتسلقَ السُّور وأن يجدَ منفذاً للعبور لكن فشلت جميعُ محاولاته وسارَ عائداً إلى بيتهِ والحزن يملئه وهو يحدث نفسه قائلاً: كيف استطاعوا أن يبنوا هذا السُّور العظيم بهذا الوقتِ القصير جداً. قصة: مصطفى عادل الحداد رسوم: زاهد المرشدي

إتصل بنا

موقعنا