قصص سردية
سأُخبرُ أمي

عندَما هلَّ هلالُ شهرِ رمضان قرَّرَ (ماجد) أن يصومَ طوالَ النَّهار، ومنذُ اليوم الأول أمتنع (ماجد) عن الطَّعامِ والشَّرابِ طيلة الصَّباح لكنه شعرَ بجوعٍ شديدٍ عندَ حلولِ الظَّهيرةِ وأخذت بطنه تُقرقرُ من شدةِ الجوعِ، حاولَ أن يُشغلَ نفسه بمشاهدةِ التلفاز أو النَّوم لكنه لم ينجح، تحركَ خلسةً نحوَ المطبخِ وفتحَ بابَ الثَّلاَّجةِ ثمَّ نظرَ يميناً ويساراً فلم يرى أحداً بالقرب منه، تناولَ فطيرةَ لحمٍ وأخذَ عضةً منها وقال: ياااي، لذيذةٌ جداً، وفي هذهِ الأثناءِ صرخت أخته سلمى قائلة: ألم تكن صائماً، كيف تأكلُ قبلَ أن يُحينَ وقتَ الإفطار؟ سأُخبرُ أمي بذلك، أمسكَ (ماجد) يدَها وقالَ بنبرةٍ متوسلة: لا تُخبريها أرجوكِ، أدارت سلمى وجهها ذاهبةً، أسرعَ (ماجد) إلى غرفتهِ غلقَ البابَ وأخذَ يدورُ وسطَ الغرفةِ وتبدو عليه ملامحُ القلقِ وهو يُحدَّثُ نفسهُ قائلاً: ماذا ستفعلُ بي أمي، الويلُ لي إذا عرفَ أبي بالقِصة؟ وبعدَ مرورٍ دقائقٍ معدودةٍ قرَّرَ (ماجد) أن يذهبَ إلى أُمهِ ويُخبرُها بنفسهِ، فالاعترافُ بالذَّنبِ فضيلةٌ، وفعلاً ذهبَ (ماجد) إلى صالةِ الجلوس فشاهده أُمَّه جالسةً أمامَ التَّلفازِ وإلى جانبِها أخته سلمى، وبسرعةٍ قفزت سلمى من مكانِها وهمست في أُذنهِ قائلة: أنا لم أُخبر أمي، لكن بشرط عليكَ أن تعدني بعدمِ تكرارِ ذلك، فقالَ لها (ماجد): أنا سأُخبرُها، وحينَ أخبرَ (ماجد) أُمَّهُ بالقِصة، ضَحِكت عالياً، نظرَ إليها (ماجد) نظرةً مُستغربةً وقال: لِمَ تضحكينَ يا أُمي؟ فقالت لهُ: أنتَ ما زلت صغيراً ولم يكن الصَّيامُ واجبٌ عليكَ، جميعُ الأطفالِ يصومونَ صيامَ العصافير، فقالَ (ماجد) بنبرةٍ باسمة: صيامُ العصافير، لم أسمع به من قبل، فقالت أُمُّه: يعني أن تصومَ نصفَ النَّهارِ أو ثُلثة، فَرِحَ (ماجد) كثيراً وقالَ: غداً سأصومُ صيامَ العصافير. قصة: مصطفى عادل الحداد رسوم: زاهد المرشدي
أكثر المواضيع قراءة