قصص سردية
أنا وجدتي
في مساءِ أحدِ الأيامِ كنتُ جالساً إلى جانبِ جدتي وهي تلعبُ معي لعبة (دباخ)، هذه اللعبةُ الجميلةُ التي أعشقها جداً، فتُمسكُ بيدي اليمنى وتجعلُها مبسوطةً ثمَّ تقومُ بثني أصابعي ابتداءً من الخنصر وانتهاءً بالإبهام، وكلما تثني أصبعاً ترددُ جملة مختلفة وكانت جميعُ كلماتها كالعسلِ المصفى تعجلني أبتسمُ من حيث لا أشعر،وعندَما تصبحُ جميعُ أصابعي مثنيةً إلى الداخلِ تُحركُ جدتي أصابعَ يدها اليمنى فوق يدي وتبدو كأنَّها أرجلَ نملةٍ وهي تُردد قائلة: جاءت النَّملة ... جاءت النَّملة، وأنا أُراقبُ حركةَ أصابعِ يدِها بتمعنٍ وبابتسامةٍ خفيفةٍحتى تصلَ إلى أبط ذراعي وتدغدغني بلطفٍ وحنانٍ فتعلو ضحكاتي فرحاً، ثمَّ أمسكتُ يد جدتي قلتُ لها: الآن حان دوري يا جدتي، وحينَ نظرتُ إلى يدها سألتُها وأنا أمسحُ على ظهر يدها: لماذا الجلدُ متجعداً هكذا يا جدتي؟ ابتسمت جدتي وقالت: لأنني كبيرة في السن يا عزيزي، فقلتُ مستغرباً: ما علاقةُ ذلك بالتقدم العمر؟ فمن المعروفِ عن الجلدِ إنَّهُ يمتازُ بالمرونةِ والتَّمدد، فقالت جدتي: نعم إنَّهُ مَرِن حيثُ يتمددُ وينكمشُ مع جسمك ؛وكما يتقدَّمُ الإنسان في العمر،يفقد ُالجلدُ مرونته كالشريطِ المطاطي القديم ،ولن ينكمشَ الجلد ُليعودَ إلى شكلهالأصلي بل يتَّخِذُ شكلًا رخوًا ومليئًا بالتجاعيد الصَّغيرة، وعندَما تنظرُ إلى يدِ شخصٍ كبيرٍ في السَّن، يمكنك أن ترى الأماكن الت يفقَد َفيها الجلد ُالمرونةَ، فنظرتُ إلى يدها ثمَّ قبلتُها وقلتُ لها: أطال اللـ... بعمركِ يا غاليتي، وعُدتُ ألعبُ معها لعبة دباخ، دباخ. قصة: مصطفى عادل الحداد رسوم: زاهد المرشدي
أكثر المواضيع قراءة