قصص سردية

أين هي التماسيح؟

أين هي التماسيح؟

في إحدى الغاباتِ الجميلة كان الغزال يعيشُ حياةً سعيدةً مع صديقه الفيل، تربطهما صداقةٌ قويةٌ ففي كل يومٍ يلعبانِ معاً ويخرجا للتنزه وللبحث عن الطَّعام سوياً، وفي يومٍ من الأيامِ بينما كانا يسيرانِ وسطَ الغابة يبحثانِ عن الطَّعامِ وصلا عند ضفةِ نهرٍ واسع، وقفَ الغزالُ مذهولاً وهو ينظرُ إلى الجانبِ الآخر من النَّهر المليء بالحشائشِ الخضراء وأشجارِ الفاكهة الطَّازجة، فقالَ مستغرباً: عدةُ سنينٍ نسكنُ في الغابةِ ولا نعلمُ بوجودِ هذا النَّهرِ وتلكَ الأشجارِ الجميلة، هيا لنعبرَ النَّهرَ يا صديقي لنأكلَ ما لذَّ وطاب من الطَّعامِ حتى نشبع، ابتسمَ الفيلُ قائلاً: أنا أعلمُ بوجودهِ منذُ فترة، غَضِبَ الغزالُ قائلاً: كيف تُخفي عليَّ هكذا أمر، هل تعبرُ النَّهرَ لوحدكَ وتأكلُ الطَّعام من دوني؟ فأجابه الفيل: أهدأ يا صديقي، أنا لم أعبر هذا النَّهرُ أبداً، فيه مجموعة كبيرة من التماسيح، ضَحِكَ الغزالُ قائلاً وهو يشير إلى مياه النهر: أين هي التماسيح، لا أُشاهدُ واحداً منها؟ قالَ الفيلُ: لا تنخدعْ بصورةِ النَّهرِ الهادئ، أن التَّماسيحَ تُتقنُ فنَّ التخفي، ولن أنصحكَ بالعبور أبداً، لم يُظهرُ الغزالُ أيَّ اهتمامٍ لكلامِ صديقه، وقفَ عندَ الضفةِ جهزَ نفسه ردَّدَ قائلاً: واحد.. أثنان.. ثلاثة، ثُمَّ قفزَ في المياه وأخذَ يسبحُ بسرعةٍ للوصولِ إلى الجانبِ الآخرِ من النَّهر، وما أن وصلَ إلى وسطِ النَّهرِ أحسَّ بحركةٍ غريبةٍ بالقربِ منه تمالكهُ الخوفُ قليلاً وقرَّرَ أن يُسرعَ ليخرجَ من النَّهرِ لكن فاتَ الأوانُ أمسكَ التمساحُ بقدمهِ وسحبهُ بقوةٍ حينَها لم يكن بيدِ الغزالِ سوى نداء النجدة، فأخذَ يضربُ المياه بيديهِ ويصرخُ عالياً: ساعدوني ... ساعدوني، أين أنتَ يا صديقي؟ شعرَ الفيلُ بالخوفِ مما شاهده وبالحيرةِ فلا يعرفُ كيف سينقد صديقه؟ ومن دونِ تفكيرٍ حملَ مجموعةً من الأحجارِ الكبيرةِ وراحَ يطلقها بقوةٍ كالصاروخِ نحوَ وجه التمساح وظلَّ يُكررُ ذلك حتى أُصيبت إحدى عيني التمساح بضربةٍ قويةٍ جعلته يفقدُ الرؤيا مما أضطر إلى تركِ الغزال، حينَها تحركَ مُسرعاً نحوَ الضفة، وعلى وجهه ملامح الندم واضحة لأنه لم يستمع إلى نصيحة صديقه، وفي حالِ وصولهُ قالَ بنبرةٍ متألمة: شكراً لكَ يا صديقي على المساعدةِ لولاك لفقدتُ حياتي، وبسرعةٍ حمله الفيل على ظهرهِ لينقلهُ إلى طبيبِ الغابةِ لكي يُضمدَ جراحَ قدمه. قصة: مصطفى عادل الحداد رسوم: زاهد المرشدي

إتصل بنا

موقعنا