قصص سردية

الصّوتُ الغريب

الصّوتُ الغريب

بينما كان محمد مستلق على السريرِ وهو يقرأُ في كتابهِ المدرسي سمعَ صوتاً وكأن شيئاً يتحركُ بالقربِ منه، نظرَ إلى الأرضِ لم يجد شيئاً، نهضَ وتفحصَ السرير وتحت الوسادةِ أيضاً، فلم يجد شيئاً، ثُمَّ ألقى نظرةً تحتَ السريرِ بتمعن، فلم يجد شيئاً، فقالَ محدثاً نفسه: ما هذا الصوت، كأنه طنين حشرة؟ أخذَ يبحثُ في كل أرجاءِ الغرفة لكنه لا يسمعُ الصوتَ إلا عند اقترابه من السرير، حاولَ أن يعودَ إلى القراءةِ وينسى أمرَ هذا الصوتُ الغريب، لكن كلما وضعَ رأسه على الوسادة، يبعثُ الصوتُ انزعاجاً كبيراً في داخلهِ ويُشتتُ انتباهه، نهضَ محمد مرةً أخرى وامسك بالوسادةِ قائلاً: لابدَّ من وجود شيئاً ما في داخلِها، وفعلاً فتحَ الوسادةَ وأخرج ما فيها لكن باءت محاولته بالفشل، فلم يجد شيئاً، انزعجَ محمد كثيراً وذهبَ مسرعاً واحضرَ أخيه الكبير ليكشفَ سرَّ هذا الصوت الغريب، وحين دخلَ أخوه الغرفةَ قال: ما بكَ يا أخي لا يوجدُ أيُّ صوت؟ سحبَ محمد أخيه من يدهِ وقالَ لهُ: نمْ على السرير وستلاحظُ الصوت، وحينَ نامَ أخوه على السرير قال: هذا الصوتُ لم يكن غريباً عليَّ، وحينَ أدارَ وجهه ونظرَ إلى الطّاولةِ التي كانت بجانبِ السّريرِ ضَحِكَ عالياً، فنظرَ إليه محمد وقالَ باستغراب: ما بكَ لماذا تضحكُ؟ أجابه أخوه وهو يشيرُ إلى كوب بلاستيكي فوقَ الطّاولة: الصوتُ من هنا، ثُمَّ حملَ الكوب البلاستيكي وقال: إنَّها تجربةٌ علميةٌ صنعتها لأقدمها غداً لمعلمتي في درس مادة العلوم، فقالَ محمد بتعجب: كيف صنعتها؟ فأجابهُ أخوه قائلاً: قمتُ باصطيادِ ذبابةٍ ثُمَّ وضعتها في داخلِ الكوب البلاستيكي وفي الطرف العلوي وضعتُ قطعةً من الورقِ الشمعي الذي تستخدمه أمي في الطّهي وثبّتها باستخدامِ الشّريط المطاط، فقالَ محمد: فكرةٌ رائعة، لم اسمع من قبل صوتاً لحشرةٍ بهذا الشكل، فأجابه أخوه قائلاً: تُصدرُ الحشراتُ أصواتاً يكونُ من الصعبِ سماعها في بعضِ الأحيان، لكن استطعت سماعَ صوتِ الحشرة؛ لأن الحشرةَ كانت في الكوب، كان الكوبُ والورقُ الشمعي بمنزلةِ مضخمِ صوت حيثُ اهتزَ الهواء الموجود داخل الكوب بسبب الصوت الذي حرَّكَ الورق الشمعي وسبب المزيد من الاهتزاز، وهكذا ارتفع الصوت، وتُصدر بعض الحشرات الأصوات عن طريق تحريك أجنحتها ذهابًا وإيابًا، حينَها ابتسم محمد وشكرَ أخوه على مساعدته ثُمَّ أخذَ الكوبَ البلاستيكي ووضعه في مكانٍ بعيداً عنه قليلاً، وبعدَما أعادَ ترتيب الغرفة أمسكَ كتابه المدرسي وبدأَ يقرأُ بهدوءٍ تام. قصة: مصطفى عادل الحداد رسوم: زاهد المرشدي

إتصل بنا

موقعنا