كان درساً ممتعاً

في يوم من الأيام سرنا برفقة المعلمة إلى غرفةِ المرسم، وكالعادةِ سارَ الجميعُ والفرح يملأُ قلوبَهم وهم يحملونَ لوحاتَهُم البيضاء والألوان، وبعدَما جلسَ الجميعُ ذهبتُ مع صديقي علي برفقة المعلمة لمساعدتِها في إحضارِ بعض الأغراض، فأحضرنا كوباً بلاستيكياً شفافاً ووعاءً بلاستيكياً شفافاً أيضاً، وقنينةً من الماءِ بالإضافةِ إلى ملوناتٍ غذائيةٍ باللونينِ الأصفر والأزرق، تفاجأتُ بهذه الأغراض فقلت لصديقي بهمسٍ: ما علاقةُ هذه الأغراض بدرسِ الرسم، فأجابني علي: أعتقدُ إنَّها تُريدُ أن تُعلمَنَا كيف نرسمُها؟ تبسمتُ قائلاً: أجل هذا صحيح، إنَّها طريقةٌ يستخدمُها الرسامون في التعليم، لكن بعدَما وضعنا جميع الأغراض على الطاولة، بدأت المعلمةُ بالحديثِ عن كيفيةِ استخدامِ الألوانِ وكيفيةِ خلطِها مع بعضها للحصولِ على ألوانٍ أخرى ثُمَّ أنهت كلامُها قائلة: سأُقدمُ لكم اليومَ تجربةً علميةً نتعرفُ من خلالِها، ماذا يحدثُ عندما ننظرُ من خلالِ لونين في آنٍ واحد؟ وفعلاً قامت المعلمةُ بصبِّ الماء في الوعاءِ البلاستيكي حتى امتلأ نحو ثلاثة أرباعه وأضافت القليلَ من الملونِ الغذائي الأصفر حتى أصبحَ لونُ الماءِ أصفراً، ثُمَّ صبت الماءَ في الكوبِ البلاستيكي حتى أمتلأ نصفه وأضافت القليلَ من الملونِ الغذائي الأزرق حتى أصبح لونُ الماءِ أزرقاً، ثُمَّ وضعت الكوبَ في داخلِ الوعاء، وقالت بصوتٍ عالٍ: انظروا من خلالِ الماءِ الموجود في الوعاء إلى الماءِ الموجودِ في الكوب، ما اللونُ الذي ترونه؟ وبعدَ لحظاتٍ معدودةٍ رفعَ كلُّ واحدٍ من التلاميذِ يده ليُجيبَ على هذا السؤال، لكن كانت الإجابةُ من نصيبي فأشارت المعلمةُ إليَّ قائلةً: تفضل يا محمد، وقفتُ قائلاً: أصبحت المياهُ خضراء اللون، فقالت المعلمةُ: أحسنت، ثُمَّ أكملت قائلةً: يتكونُ الضوءُ من سلسلةٍ من الأشرطةِ الملونة و كل الأشياء تعكسُ وتمتصُ الألوان، فالمياهُ الزرقاء عكست الضوءَ الأزرق، والمياهُ الصفراء عكست الضوءَ الأصفر، وجميع الألوان الأخرى امتصتها المياه، ومن خلالِ وضعِ كوبِ المياه الزرقاء في وعاءِ المياهِ الصفراء، فإنك خلطت اللونين مؤقتًا، وهذا الخليطُ يمتصُ معظمَ ألوان الطَّيف ويعكسُ الضوء الأخضر، لذلك بدت المياهُ خضراء، وما أن أكملت المعلمةُ كلامَها رنَّ الجرسُ المدرسي، كان درساً ممتعاً جداً تعلمنا فيه مهارةَ خلطِ الألوان. قصة: مصطفى عادل الحداد رسوم: زاهد المرشدي