قصص سردية

أنا ما زلت صغيراً

أنا ما زلت صغيراً

في الغابةِ الجميلةِ كان النمر (نمور) يعيشُ مع أمه وأبيه في أعلى إحدى الأشجارِ الشاهقةِ في وسطِ الغابة، فمن المعروفِ أن النمور تُجيدُ تسلق الأشجار وتستخدمُها دوماً للمحافظةِ على صغارِها وطعامِها من بعض الحيوانات المفترسة، وكالعادةِ في الصَّباحِ أوصت الأمُ ابنها (نمور) بعدمِ النزولِ من الشَّجرةِ لحين عودتهما من رحلةِ الصَّيد، وكما يفعلُ (نمور) دوماً، هزَّ رأسه قائلاً: حسناً يا أمي، لكنه لم يكن مقتنعاً تماماً، فهو طلبَ من أمه لأكثر من مرةٍ أن تسمحَ له بالتجوالِ واللعبِ مع الحيواناتِ الأخرى لكن كانت أمه ترفضُ وتقولُ لهُ: ما زلتُ صغيراً، ولا تتقنُ فنَ الدفاعِ عن النفس وقد تتعرضُ لمخاطرٍ من بعضِ الحيواناتِ المفترسة، وبعدَما ذهبَ الوالدان، وفي ذلك اليوم لم يستمع (نمور) إلى كلامِ أمه، جذبته مجموعةٌ من العصافيرِ والفراشاتِ الجميلةِ التي كانت تلعبُ وتلهو بالقربِ منه تُحلقُ فوقَ الأشجارِ تارةً وتهبطُ تارةً أخرى، فنزلَ (نمور) من أعلى الشَّجرةِ وراحَ يُلاحقُ العصافير والفراشات والسعادة تملأُ قلبه وهو يقولُ: أنا ما زلتُ صغيراً وألعبُ ألعابَ الصغار، وبينما كان الجميعُ مشغولاً باللعبِ نادى أحدُ العصافير: احذروا يا أصدقائي، خطرٌ قادمٌ نحونا، وبسرعةٍ حلقت جميعُ الفراشاتِ والعصافير عالياً، تفاجأ (نمور) بهذا الفعلِ فهو لم يمر به من قبل التفت يميناً ويساراً فلم يشاهد أحداً، فقالَ محدثاً نفسه: أين الخطر، ماذا أصابهم؟ وفجأةً ظهرَ من وسطِ الحشائشِ ضبعٌ مخيفٌ وكلمحِ البصر، ركضَ نحوَ (نمور)، تسارعت دقاتُ قلبه من شدةِ الخوفِ وتسارعت خطواتُهُ للصعودِ إلى أعلى الشَّجرةِ لكن ما أن وصلَ إلى جذعِ الشَّجرة، أمسكَ به قالَ الضَّبعُ ضاحكاً: هل تحاولُ الهربَ، لن تستطيع؟ أخذَ (نمور) يرتجفُ وهو يصرخُ عالياً: أمي ... أبي، أين أنتما؟ ومن حسنِ حظِ (نمور) كانا أبواه قريبين منه، ولم تمر سوى لحظاتٍ وصلَ النداء، وبسرعةٍ ركضا نحوه وهجما على الضَّبعِ فولى هارباً خائفاً على حياتهِ من الهلاك، حينَها شعرَ (نمور) بالخجلِ وأحنى رأسه معتذراً من أمهِ وأبيهِ، ومنذُ ذلك الوقت قررَّ أن يستمعَ إلى كلامِ والديهِ ويأخذُ بنصيحتهما لأنه لا يوجدُ مَنْ يُحبُّهُ ومَنْ يُخافُ عليه في هذه الحياة أكثر منهما. قصة: مصطفى عادل الحداد رسوم: زاهد المرشدي

إتصل بنا

موقعنا