قصص سردية
كان القرارُ متأخراً
في وسطِ الغابةِ الخضراء، كان الدبُّ (بَدِين) يعيشُ في كوخٍ كبير، وفي صباحِ كل يومٍ يخرجُ يسيرُ في الغابةِ باحثاً عن طعامهِ من العسلِ والأسماك، فهو محباً للطعامِ كثيراً ويُفضلُ تناولَ الأسماكِ دوماً، وفي يومٍ من الأيام، خرجَ كعادته متوجهاً إلى النَّهر،وحين وصلَ إلى الضفة، أخذَ يُراقبُ المياه بحذرٍقائلاً: الصَّيدُ جميلٌ لكن يحتاج ُإلى الصَّبر، وفعلاً وقفَ ساكناً وعيناه تُراقبُ المياه منتظرةً بلهفةٍ مرورِ سمكةٍ شهية، وبعدَ مرورِ دقائقٍ معدودة،لمحَ(بَدِين) سمكةً كبيرةً تمرُّ بالقربِ منه، وبلمحِ البصرِ أمسك بهابمخالبه الحادةِ بقوة، وراحَ يتناولها بسعادةٍ وهو يقول: لا يوجدُ ألذُّ من هذا الطَّعمِ الرائع، وكان (بَدِين) ينوي أن يُكملَ طعامَهُ ويذهبُ عائداً إلى بيته كعادتهِ، لكن ذلك اليوم كان مختلفاً تماماً ففي لحظةٍ شاهدَالمياه مليئةً بالأسماكِ وهي تتلألأُ تحتَ أشعةِ الشمس، مما زادت رغبةُ (بَدِين) في تناولِ الأسماك، فأمسكَ بواحدةٍ وابتلعها ثُمَّ أمسكَ بواحدةٍ أخرى، وأخرى، وأخرى، كانت الأسماكُ كثيرةً وجذابة، فلم يستطع التوقفَ عن الأكل، استمرَ في تناولِ الأسماكِ بشراهةٍ حتى امتلأت بطنَهُوشعرَ بالتخمةِ ولهذا قرَّرَ أن يتوقفَ عن الطَّعام، لكن كان القرارُ متأخراً، فلم يستطع السَّيرَولا حتى النهوض، فقد انتفخت بطنه كثيراً، وبدأَ يشعرُ بألمٍ شديدٍ ولم يجد سبيلاً للخلاصِ من هذا المأزقِ سوى صوته، فأخذَ ينادي بأعلى صوته: أنا لا أستطيع التحرك! أحدُ يساعدني! أرجوكم، واستمرَ على هذا الحالِ حتى سمعت الحيواناتُفي الغابة، فأسرعوا إليه ونقلوهُ إلى طبيب الغابة، وبعدَما فحصَ الطَّبيبُ (بَدِين) ابتسمَ وقالَ: لقد أكلت كثيراً جداً يا (بَدِين)، سوفتتحسنُ حالتك بعدَ فترةِ من الراحةِ وعدم تناول الطَّعام، وقد كتبَالطَّبيبُ لهُ بعض أنواع الأعشاب التي تُساعدهُ على هضمِ الطَّعام، وبعدَما ألتزم (بَدِين) بجميعِ التعليماتِ الطبيةِ والوصفاتِ العلاجية،بدأَ يشعرُ بتحسنٍ كبيرٍ وأخذَ يتعافى تدريجياً، حينها تقدَّمَ بالشكرِ الجزيلِ للحيواناتِ على مساعدتهم،ومنذُ تلكَ اللحظة قرَّرَ (بَدِين) أن لا يُفرطُ بالطَّعامِ وأن يُمارسَ بعض النشاطاتِ الرياضيةِ لكي يبدو جسمه رشيقاً وجميلاً. ونحنُيا أحبائي نتعلمُ من صديقنا (بَدِين) أن نهتمَ برشاقةِ أجسامنا ولا نُفرطُ في تناولِ الطَّعامِ مهما كان لذيذاً ومُغرياً، فقدَ قالَ الإمامُ علي (عليه السلام) ((مَنْ قَلَّ طَعامُهُ قَلَّتْ آلامُه)). قصة: مصطفى عادل الحداد رسوم: زاهد المرشدي
أكثر المواضيع قراءة