قصص سردية
لا تتركني وحيدةً
علي طفلٌ صغيرٌ يعيشُ مع عائلته في بيتٍ واسعٍ وسط الحي، وفي صباحِ أحدِ الأيام، طلبت منه والدته أن يذهبَ إلى المخبز ليشتري رغيفَ خبزٍ طازجٍ للعائلة، فأخذَ النقودَ من أمه قائلاً: حسناً يا أُمي كالبرق، سأذهبُ وأعود، وفعلاً ذهبَ مسرعاً وبعد دقائق معدودة وصلَ إلى مخبز الحي، واشترى عدداً من أرغفة الخبز، كان الخبزُ حاراً وشهياً، فأخذَ علي قطعةً من رغيفِ الخبرِ وتذوقها قائلاً: يااااي إنَّهُ لذيذٌ حقاً، كانت هذه اللقمةُ الأولى لكن لم تكن الأخيرة، فما بين خطوةٍ وأخرى يقطعُها يتناولُ شيئاً من رغيفِ الخبز، وبينما هو يسيرُ في الطريق سَمِعَ صوتاً خافتاً ينادينه: لا تتركني وحيدةً! توقف علي في مكانه نظرَ حولهُ فلم يرَ أحداً، لكن حين تابعَ السير، عادَ الصوتُ من جديد، شعرَ علي بالحيرةِ وهو ينظرُ إلى اليمينِ واليسارِ تارةً وإلى الخلفِ تارةً أخرى، فكَّرَ بالهروبِ في بادئ الأمر لكنه قالَ ضاحكاً: أظنُّ إن طعمَ الخبزِ اللذيذ جعلني أتخيلُ أشياءً غير موجودة، لكن حين سارَ قليلاً عادَ الصوتُ مرةً أخرى، وهذه المرة كان أكثرَ وضوحاً: أرجوك، لا تتركني وحيدةً هنا! خفقَ قلبُ علي بقوة، حاولَ الخوفُ أن يدفعه للهروب، لكن علي كان شجاعاً وأخذَ يبحثُ عن مصدرِ الصَّوت، وحين دقَّقَ جيداً وتفحصَ الأمر، وجدَ كسرةَ خبزٍ صغيرةٍ قد سقطت منه على الطريق، حينَها فهمَ أن كسرةَ الخبزِ هي التي كانت تناديه، وكأنَّها تقولُ: لا تتركني وحيدةً هنا في هذا الطريق، حملها بعنايةٍ ثُمَّ وضعها في داخلِ الكيس، وعادَ إلى المنزلِ وهو يشعرُ بالسعادةِ والراحةِ لأنَّهُ لم يترك كسرة الخبز الصغيرة وحيدة، وعندما وصلَ إلى البيت، قصَّ على والدته ما حدثَ معه، ابتسمت قائلةً لهُ: أحسنتَ يا علي، فالخبزُ نعمةٌ من الله، ويجبُ أن نحترمَ كل قطعةٍ منه، صغيرةً كانت أو كبيرة. إذن يا أصدقائي يجبُ أن نُحافظَ على هذه النعمةِ العظيمةِ ونحترمها فقد قالَ الإمامُ علي (عليه السلام) " أكرموا الخبز، فإن الله عز وجل أنزلهُ من بركاتِ السَّماء وأخرجهُ من بركاتِ الأرض." قصة: مصطفى عادل الحداد رسوم: زاهد المرشدي
أكثر المواضيع قراءة