قصص سردية

رأيٌ آخر

رأيٌ آخر

مع نهايةِ كل أسبوع كنتُ أذهبُ مع أمي وأبي لزيارةِ بيت جدي، يومُ الجمعةِ مختلفٌ عندي تماماً ومفضلٌ لدي، حيثُ ألتقي فيه بأولادِ خالتي وعمتي وفي كلِّ مرةٍ كانت تجمعنا البسماتُ والفرحُ يملئ قلوبنا ونحنُ جالسون نلعبُ بعض الألعاب الفكرية والألغاز والأحجية الجميلة، وحتى بعض التجارب العلمية، فقد كان أبن خالتي (حسن) شغوفاً جداً بالتجاربِ العلمية، وفي كل مرة يأتي لنا بفكرةٍ ومعلومةٍ علميةٍ جديدة، لكن هذه المرة كانت تمتازُ بالصعوبةِ قليلاً، فقد أحضرَ كوبَ ماء وآخر فارغ ومصاص عصير ثُمَّ قالَ: مَنْ منكم يستطيعُ أن ينقلَ الماءَ من كوبٍ إلى آخر دون أن يصبهُ؟ ابتسم الجميع وكانت ابتسامةٌ يغشاها التعجبُ والذهول، وأخذَ كلُّ واحدٍ منا يُحاولُ أن يصلَ لحلِّ هذا اللغز العلمي، أحدهم قالَ: هذا أمرٌ مستحيل، وآخرٌ قالَ: أما أن نثقبَ الكأس وأما أن نصبه لا يوجدُ حلٌّ ثالث، أما أنا كان لي رأي آخر، وضعتُ مصاصَ العصير في الكوبِ المملوء بالماء، غلقتُ فمي على المصاص من الأعلى وبدأت بسحبِ الهواء، وكأنني أشربُ الماء، وحين صار الماءُ في داخل المصاص وقبل أن أبلعَ الماء، غلقتُ بأصبعي نهاية المصاص وبسرعةٍ وضعتُ طرفَ المصاص في الكوبِ الفارغ، وما إن وضعته، بدأَ الماءُ ينسابُ من المصاصِ إلى الكوب الفارغ، ضحكتُ بشدةٍ وأنا أُشاهدُ الماءَ يتحركُ من كوبٍ إلى آخر، وقد تعجبَ الجميعُ بما فعلتُ وقالوا معاً: أحسنت، يا أحمد!، وهذه تجربة بسيطة تُظهرُ كيف يمكننا استخدام الهواء والضغط لتحريك السوائل، وهكذا أنتهى يومنا وكان مليئاً بالعلم والابتسامات، وتعلمنا أن أبسطَ الأدواتِ قد تخفي وراءها أعظم الدروس. قصة: مصطفى عادل الحداد رسوم: زاهد المرشدي

إتصل بنا

موقعنا