الولادة المباركة

الولادة المباركة في ليلةٍ هادئةٍ تلمعُ النجومُ في سمائها، كان الجميعُ في ذلكَ البيتِ الصَّغير والمتواضع ينتظرُ الحدثَ العظيم، ينتظرُ ولادةَ طفلٍ مبارك، لم تكن ولادةً عاديةً بل كانت اعجازية، فمظاهرُ الحملِ لم تظهر على أمهِ لحمايتهِ من أيدي الحُكامِ الظالمينَ الذين يُريدونَ قتلَهُ والقضاءَ عليه خوفاً من زوالِ حكمهم على يد هذا المولودِ المبارك، لأنه لم يكن طفلاً عادياً بل وعدُ اللهِ والأملِ المنتظرِ ليملأَ قلوبَ المؤمنينَ طمأنينةً وسلاماً ويملأُ الدنيا عدلاً وقسطا، ومعَ اقترابِ الفجرِ اشرقَ البيتُ بنورٍ كشمسٍ ساطعةٍ وكقمرٍ زاهر، وفاضَ بالبهجةِ والسرور، إذ ولدت السيدةُ نرجس زوجته الإمام الحسن العسكري (عليهما السلام) مولودها المبارك الإمامُ المهدي المنتظر، طفلٌ يشعُ وجهه نوراً وهيبة، عيونه تروي حكاياتِ المستقبل، وكأنَّهُ يحملُ في عينيهِ رحمةَ السماءِ لكلِّ مَن في الأرض، وكان ذلك في ليلةِ الجمعةِ في الخامسِ عشر، من شهرِ شعبانِ في مدينة سامراء. تلكَ الليلة، التي تحقَّقَ فيها وعدُ النبي محمد (صل الله عليه وآله) الذي وعدنا بولادةِ إمامٍ موعودٍ يأتي في آخرِ الزمان، يُمحي الظلمَ ويُحقِّقُ العدل، حيثُ قال: إنّ خلفائي وأوصيائي وحججَ اللّهِ على الخلقِ بعدي لإثنا عشر، أوّلُهُم أخي وآخرَهُم ولدي، قيل: يا رسولَ اللّه ومَنْ أخوك؟ قال: علي بن أبي طالب، قيل: ومَنْ ولدُكَ؟ قال: المهدي الذي يملؤُها -أي يملأُ الأرض- قسطاً وعدلاً كما مُلئِت جَوراً وظلما، واقتضَت الحكمةُ الإلهيةُ إخفاءَ ولادةِ هذا الوليدِ المبارك عن الأعيُن، ليسلمَ من أذى ومُطَاردةِ الحُكَّامِ الظالمين، لكن بعد استشهادِ الإمامِ العسكري (عليه السلام) وتسلّمَ الإمامُ المهدي الإمامة، بدأت السلطةُ العباسيةُ بمراقبتهِ ومُلاحقته، ولهذا فقد غابَ عن الأنظارِ ولم يلتقي به أحدٌ سوى سفرائه الأربعة، وسُميت تلك الفترة بـ(الغيبة الصغرى)، لكن في سنة ثلاثمائة وتسع وعشرين هجرية تُوفي آخر السفراء الأربعة، وانقطعَ التواصلُ مع الإمامِ المهدي وبدأت غيبتهُ الكبرى حتى يومَنا هذا، وهو ما زالَ على قيدِ الحياةِ بأمرِ الله تعالى، حتى يأذنَ اللهُ بظهورهِ مرة أخرى ليُحاربَ الظلمَ وينشرَ العدلَ في العالمِ أجمع، وها نحن ننتظرُ ظهور إمامِنا المهدي المنتظر(عجل الله تعالى فرجه الشريف)، بالصبرِ والإيمانِ والدعاء. إعداد: مصطفى عادل الحداد رسوم: عباس راضي