عود ثقاب

عود ثقاب في صباحِ يومٍ جميلٍ ومشمس، خرجتُ مع عائلتي للذهابِ إلى إحدى المتنزهاتِ العامة، كنتُ متحمساً جداً ومتشوقاً لأقضي وقتاً ممتعاً مع أخي الصَّغير يوسف في ركوبِ بعض الألعاب الترفيهية، وما أن وصلنا ارتفع أذان الظهر ذهبتُ برفقةِ أبي لأداءِ الصلاة، كان المكانُ واسعاً جداً وجميلاً تحيطُ به الأشجارُونافوراتُ المياهِ من كلِّ حدبٍ وصوب، وكانت السعادةُ باديةً على وجهي ولهذا نظرَ لي أبي مبتسماًوقالَ: هل أحببت المكان؟ فقلتُ إليه بشغفٍ: نعم، إنَّهُ جميلٌ جداً، وبعدَما انتهينا من أداء الصلاة جلسنا تحت ظلّ شجرةٍ كبيرة، وافترشنا الأرضَ بغطاءٍ ملوّن، وما أن بدأنا بالطعام ِحتى جاءت بعض الحمائم تطيرُ تارةً وتهبطُ تارةً أخرى وما كان عليَّ إلا أن أُقدّمَ لها بعضاً من حباتِ الأرز، وفي هذه الأثناء أخرجت أُمّي موقدًا صغيرًا وبعض أعواد الثقاب لتعدَّ الشاي، وما أن أشعلت عودَ الثقاب ارتفع اللهبُ بسرعةٍ إلى الأعلى،ذكرني هذا الموقفُ بتجربةٍ علميةٍ شاهدتها يوماً في بعض البرامج العلمية، فسألتُ أخي يوسف قائلاً: هل تعلم لماذا يرتفعُ لهبُ عود الثقاب إلى الأعلى؟ ابتسم أخي قائلاً: لأن اتجاه عود الثقاب إلى الأعلى، الكثيرُ منا يظنُّ ذلك لكن حتى وأن قلبتَ عودَ الثقاب إلى الأسفلِسيرتفعُ اللهبُ إلى الأعلى، وحين أخبرته بذلك صمت قليلاً ثُمَّ قالَ: أخبرني لماذا، هل لغزٌ جديدٌ عرفته؟ أومأتُ برأسي مبتسماً: أجل، عرفته مؤخراً، ثُمَّ نظرتُ إليه قائلاً: من المعروف إن النارَ تحتاجُ إلى الهواء لتشتعل،وإن الهواء الساخن الذي تنتجه النار أخف وزنًا من الهواء البارد، لذلك يرتفع الهواء الساخن إلى الأعلى، ويسحب معه اللهب، فقال يوسف: وهل يعني ذلك أن الهواء الساخن دائمًا يرتفع؟ فقلتُ لهُ:نعم، بالضبط، لهذا السبب تجد أن الغازاتِ الساخنة في البالونات تجعلُها تطيرُ في السماء، فالحرارةُ تجعلُ الأشياءَ الخفيفة تصعد، ضحك أخي قائلاً: شكراً لكَ على هذه المعلومة العلمية الجميلة سأُشاركها غداً مع أصدقائي في المدرسة، وبعدما انتهيا من تناولِ الغداء ذهبنا أنا وأخي نتجولُ ونركبُ بعض الألعاب الترفيهية وخاصة لُعبة القطار وسيارات التصادم التي نعشقها كثيراً . قصة: مصطفى عادل الحداد رسوم: زاهد المرشدي