قصص سردية

لم يكن واجباً

لم يكن واجباً

في ليلةٍ هادئةٍ من ليالي الشتاء، استيقظ (علي) من نومهِ مفزوعاً وهو يستمعُ إلى أصواتٍ قادمةٍ من الطابقِ السفلي، نهضَ مسرعاً ووقفَ خلفَ الباب يسترقُ السمع، كان الصوتُ يشبهُ همسات مختلطة بأصواتِ حركةٍ خفيفة، شعرَ بخوفٍ شديد، وراحَ يسألُ نفسه قائلاً: ما الذي يحدث؟ ماذا عليَّ أن أفعل؟ وبعدَ لحظاتٍ قرَّرَ أن يتحلى بالشجاعةِ فخرج يسيرُ خلسةً متجهاً إلى غرفةِ والديه وأخذَ يطرقُ البابَ بهدوءٍ وهو يقولُ بهمس: بابا... ماما، لكن لم يلق أي إجابة، أعتقد بأنهما لم يسمعا صوتهُ ففتحَ البابَ ليوقظهما لكنه تفاجأ عندما لم يُشاهد أحداً في الغرفة، زادَ خوفهُ وصارَ قلبه يخفقُ بقوة، سارَ بخطواتٍ مترددة، وهو ينزلُ السلم المؤدي إلى الطابقِ السفلي، وكلما اقتربَ، سمعَ الأصوات بوضوحٍ أكثر، ثُمَّ لمحَ ظلّاً يخرجُ من المطبخ! وبخطواتٍ مرتعشةٍ يقفُ تارةً ويسيرُ تارة أخرى حتى وصلَ إلى نهاية السلم وبعينٍ واحدةٍ سرقَ النظرَ إلى داخلِ المطبخ ليكتشفَ الأمر، وإذا به يجدُ والداه جالسينِ حولَ الطاولةِ يتناولانِ الطَّعام، حينها شعر (علي) بالاطمئنان وابتسم قائلاً: الحمد لله، ثُمَّ أقترب منهما وسألَ مستغرباً: لماذا تتناولانِ الطعامَ في هذا الوقت المتأخر؟ هذا ليس من عادتكما! ابتسمت أمه بلطفٍ وقالت: يا حبيبي، لقد بدأ شهر رمضان، نحن نستيقظ في وقتٍ متأخرٍ من الليلِ لنتناولَ السحور، لنستعدَ الصيامَ في اليوم التالي، فقال علي: لكن لماذا لم تخبراني؟ لقد شعرتُ بالخوف! فأجابه أبوه مبتسماً: لم نرغب في إيقاظك، فأنتِ صغير على الصيام بعد، فسألَ (علي) قائلاً: هل السحور واجب؟ فأجابه والداه قائلاً: لا لم يكن واجباً لكن فيه بركة عظيمة، فقد قال النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) السحور بركة ولله ملائكة يصلون على المستغفرينِ بالأسحارِ وعلى المتسحرين، أُعجب (علي) كثيراً بهذه الكلماتِ الجميلةِ وجلسَ بجانبهما يشاركهما بعض الطعام وهو يفكرُ في اليوم الذي سينضمُ إليهما فيه للصيام. قصة: مصطفى عادل الحداد رسوم: زاهد المرشدي

إتصل بنا

موقعنا