قصص سردية
ماو والقطط الثلاث

ماو والقطط الثلاث على صخرةٍ كبيرةٍ عندَ ضفةِ النهر، كان القط (ماو) يراقبُ الأسماكَ الصَّغيرةَ وهي تسبحُ في المياه، منتظراً الفرصةَ المناسبة ليمسكَ بإحداهن، وبعد لحظاتٍ، أمسكَ بسمكةٍ صغيرةٍ، لكنها فرَّت من قبضتهِ، عاد يُحاولُ من جديد، ولم يمضِ من الوقتِ إلا القليل حتى أمسك بواحدةٍ أخرى، لكنها أيضاً فرَّت من قبضته، فقالَ (ماو) بنبرةٍ غاضبة: يا لهُ من حظٍّ سيئ! ثم عادَ يراقبُ المياه وظلَّ ينتظرُ بصبرٍ، حتى جاءت الفرصةُ بسمكةٍ كبيرةٍ، وبلمحِ البصرِ انقضّ عليها بمخالبه وأمسكها بقوة، أخيراً، نجحَ (ماو)، فضحك قائلاً: خسرتُ سمكتينِ صغيرتينِ، لكن عوضني الله بسمكةٍ أكبر منهما بكثير، ارتسمت ملامحُ السعادةِ على وجه (ماو)، لكنها لم تدم طويلاً، فما إن أدارَ وجهه ليرحلَ عن ضفةِ النهر حتى شاهدَ ثلاث قططٍ تقفُ بانتظاره، وحين نزلَ عن الصخرةِ، قالت إحداهن: مباركٌ لكَ، أنتَ صيادٌ ماهرٌ، ثُمَّ اقتربت قطةٌ أخرى قليلاً وقالت: هذه السمكةُ كثيرةٌ عليكَ، أعطني إياها لنتقاسمها معاً، شعرَ (ماو) أنَّ القططَ الثلاث تنوي سرقةَ السَّمكةِ منه، لكنه لم يكن مستعدًا للتخلي عنها، فقال بنبرةٍ حادة: أنا الذي اصطدتها، وهي لي وحدي، لم تتراجع القطط الثلاث، بل أخذن يدُرنَ حولهُ وعيونهنَّ تلمعُ بالمكرِ والخداع، حينها أدركَ (ماو) أنَّ الدخولَ في عراكٍ معهنَّ سيُعرِّضُه للخطرِ وقد يجعله يخسرُ السَّمكة، وفي تلكَ اللحظةِ، لمعت في بالهِ فكرةٌ ذكية، فقال مبتسماً: إنَّهُ من العدلِ أن نتقاسمها، لكن كيف يمكننا أن نقطعها إلى قطعٍ صغيرةٍ متساويةٍ ونحنُ لا نملكُ أيَّ آلةٍ حادة؟ تبادلت القططُ الثلاثُ النظرات فيما بينها، ثم قالت: نعم ... نعم ... أجل، هذا صحيح، فقال (ماو): إذن، اسمحوا لي أن أذهبَ وأُحضرَ سكيناً لنتمكنَ من تقطيعها، ودعت القططُ الثلاثُ (ماو) وهي توصيه قائلةً: هيا... بسرعةٍ، لا تتأخر علينا، ركضَ (ماو) بسرعةٍ، وبلمحِ البصرِ كان يقطعُ المسافاتِ وهو يضحكُ عالياً: لقد انتصرتُ عليهم، كم أنتَ ذكيٌّ وجميلٌ أيها القط، وظلَّت القططُ الثلاثُ تنتظرُ ... تنتظرُ، حتى غربت الشَّمسُ، فعادت إلى بيوتها جائعةً، تجرُّ أذيالَ الخيبةِ والخسران، لأنها حاولت بالمكرِ والخديعةِ أن تنالَ ما ترغبُ به، لا بالعملِ والجدِّ والاجتهاد. قصة: مصطفى عادل الحداد رسوم: زاهد المرشدي
أكثر المواضيع قراءة