قصص سردية

هو حاربَ من أجلِنا

هو حاربَ من أجلِنا

هو حاربَ من أجلِنا في ليلةٍ صافيةٍ، تلمعُ النجومُ في سمائها، كانت ليلى تتأرجحُ في وسطِ الحديقةِ وهي تحملُ دُميتَها الجميلة، وإلى جانبِها والدُها يُسقي الزرعَ ويُقَلِّمُ بعضَ الأشجار، وبينما كانت ليلى ترتفعُ تارةً وتهبطُ تارةً أخرى، لمحتِ الهلالَ في السماء، نظرت إليه بتمعُّنٍ وقالت: أبي، انظر إلى الهلالِ، كم هو جميلٌ ورقيقٌ، يبدو كخيطٍ أبيضَ يُزيِّنُ السماء، فلماذا يُسمُّونه هلالَ الحُزن؟ اجابها بنبرةٍ هادئةٍ: لأنَّهُ هلالُ شهرِ مُحرَّمِ الحرام، أولُ شهورِ السنةِ الهجريةِ، وهو شهرٌ استُشهِدَ فيه الإمامُ الحسينُ وأهلُ بيتِه (عليهم السلام)، فسألتْ ليلى مستغربةً: لماذا حاربَ الإمامُ الحسينُ (عليه السلام)؟ أَلم يكن بمقدوره أن يتركَ الحرب؟ اقتربَ منها، ثُمَّ قالَ: الإمامُ الحسينُ (عليه السلام) لم يكنْ رجلًا يحبُّ الحروبَ أو يسعى إليها، بل كان يسعى إلى تحقيقِ الحقِّ والعدل، لقد خرجَ لأنَّهُ رأى الظلمَ ينتشر، والناسَ تُجبرُ على بيعةِ حاكمٍ ظالمٍ لا يخافُ اللهَ ولا يحترمُ الإسلام، فقالت ليلى: لكنَّهُ كان يعلمُ أنَّهُ سيُقتَلُ، أليس كذلك؟ أومأَ الأبُ برأسهِ قائلًا: نعم، ولكنَّهُ كان يعلمُ أنَّ التَّضحيةَ ستُعلِّمُ الناسَ عدمَ السُّكوتِ عن الظُّلمِ، والتمسك بالشَّجاعةِ في مواجهةِ الباطلِ للعيشِ بكرامةٍ وسلام، صمتت ليلى لحظةً، ثُمَّ قالت بصوتٍ خافت: إذن، هو حاربَ من أجلِنا؟ اجابها قائلاً: نعم يا ليلى، من أجلِ كلِّ الأجيالِ، من أجلِ أن نعيشَ أحرارًا، لا نقبلُ الذُّل، ولا نَخضعُ للباطل، نظرتْ ليلى إلى الهلالِ من جديدٍ، وقالت: الآنَ فَهِمتُ لماذا يُسمَّى هلالَ الحُزن، لكنَّهُ أيضًا هو هلالُ الشَّجاعة، هلالُ الكرامة، قبَّلَ أبوها رأسَها، قائلًا: أحسنتِ يا ليلى، هذا هو الدرسُ الذي يجبُ أن نحملهُ في قلوبِنا كلَّما رأينا هذا الهلالَ. قصة: مصطفى عادل الحداد رسوم: زاهد المرشدي

إتصل بنا

موقعنا