قصص سردية

الطريقُ نحو كربلاء

الطريقُ نحو كربلاء

في المساءِ، كانَ (حسن) جالسًا وحوله أوراقٌ وأقلامٌ ملوَّنة، فهو يُحبُّ الرسمَ كثيرًا ويطمحُ أن يُصبحَ رسّامًا ماهرًا في المستقبلِ، وبينما كانَ مشغولًا في رسمِ حماماتٍ بيضاءَ وهي تُحلِّقُ فوقَ قُبَّةٍ ذهبيَّةٍ، أقبلَ أبوهُ قائلاً: ماذا ترسمُ؟ وما إنْ نظرَ إلى اللّوحةِ حتّى قالَ بشغفٍ: السلامُ عليكَ يا سيّدي يا أبا عبدِ الله، وعلى أخيكَ أبي الفضلِ، نهضَ (حسن) من مكانِهِ، وسألَ بشوقٍ: متى سنذهبُ إلى كربلاءَ ونزورُ الإمامَ الحسينَ وأخاهُ العبّاسَ (عليهما السّلام)؟ لقدِ اشتقتُ إليهما كثيرًا، ابتسمَ أبوهُ وقبَّلَ رأسَهُ قائلاً: جئتُ لأُخبركَ بأنّنا غدًا سنشدُّ الرِّحالَ ونبدأُ المسيرَ نحوَ مدينةِ كربلاءَ المقدَّسةِ، ارتسمَتِ الفرحةُ على وجهِهِ، واغرورقَتْ عيناهُ بالدّموعِ، وقالَ بنبرةٍ حزينةٍ: لهُ في القلبِ حنينٌ لا يُوصَفُ، ثمَّ قالَ أبوهُ: وماذا عن لوحتِكَ؟ أجابَ (حسن) بحماسٍ: سأُكمِلُها هذه اللّيلةَ لأحمِلَها معي إلى كربلاءَ، وفعلًا، راحَ (حسن) بكلِّ هِمَّةٍ ونشاطٍ يُكمِلُ رسمَ لوحتِهِ ويُجهِّزُ أغراضَهُ استعدادًا للرّحيلِ، وفي صباحِ اليومِ التّالي، خرجَ برفقةِ والدَيْهِ وهو يحملُ لوحتَهُ التي رسمَ فيها طريقَ الزائرينَ نحوَ كربلاءَ، وكتبَ في أسفلِها قولَ الإمامِ الصّادقِ (عليه السّلام): مَن أتى قبرَ الحسينِ (عليه السّلام) ماشيًا، كتبَ اللهُ لهُ بكلِّ خطوةٍ ألفَ حسنةٍ، ومحا عنهُ ألفَ سيِّئةٍ، ورفعَ لهُ ألفَ درجةٍ، وهكذا، بعدَ ساعاتٍ من المسيرِ، لمّا لامستْ أقدامُ (حسن) تُرابَ كربلاءَ، شعرَ أنّ قلبَهُ سبقهُ إلى الضّريحِ؛ فرفعَ لوحتَهُ بيدٍ مرتجفةٍ يُزيِّنُها شوقُ الطّفولةِ، وقدَّمَها هديَّةً عندَ بابِ الحَرَمِ، ثمَّ أطلقَ نظرةً طويلةً إلى القُبَّتَيْنِ ورفعَ يدَهُ مع أبيهِ للدّعاءِ، وقالا معًا: إلهي تقبَّلْ أعمالَنا ونوِّر قلوبَنا بذِكرِ الإمامِ الحسينِ (عليه السّلام)، وارزقْنا شفاعتَهُ في الدّنيا والآخرةِ، ثمَّ دَخلا معًا ليُعانِقا الضّريحَ ولأداءِ مراسيمِ الزِّيارةِ والدُّعاءِ تحتَ قُبَّةِ الإمامِ الحسينِ وأخيهِ أبي الفضلِ العبّاسِ (عليهما السّلام). قصة: مصطفى عادل الحداد رسوم: زاهد المرشدي

إتصل بنا

موقعنا