قصص سردية

ماجد والقطُّ الماكر

ماجد والقطُّ الماكر

ماجد والقطُّ الماكر في الصَّباحِ الباكرِ، خرجَ (ماجد) كعادَتِهِ من بيتِهِ يحملُ بين يديهِ حفنةً من حبوبِ القمحِ، ونثرَها أمامَ الدارِ لتأتيَ إليها الحمائمُ ثمَّ جلسَ يتأمَّلُها بسرورٍ وهي تقتربُ بخطواتٍ مترددةٍ في بادئ الأمر، ثمَّ ما لبثت أن اطمأنت وبدأت تلتقطُ الحبوب، وفي تلكَ اللحظة، كان قطٌّ ماكرٌ يُراقبُ المشهدَ من بعيد، يتسلَّلُ بخطواتٍ حذرةٍ، وهو يُحدِّثُ نفسَهُ بهمس: يا لهُ من مشهدٍ مُغرٍ... إنَّها فُرصتي التي لا تُعوَّضُ، أخذَ يقتربُ شيئاً فشيئاً حتّى صارَ على مسافةٍ قريبةٍ من الحمائم، هيَّأَ جسدَهُ للقفزِ، وأخذَ نفساً عميقاً وهو يهمسُ: الآنَ هو الوقتُ المناسب، لكن قبلَ أن ينقضَّ على فريستِهِ، قفزَ (ماجد) فجأةً بين الحمائمِ وهو يُصفِّقُ بيدَيهِ بقوة، وبلمحِ البصرِ حلَّقت في السماءِ، ترفرفُ عالياً بأمانٍ، تجمَّدَ القطُّ في مكانِهِ ثُمَّ نظرَ إلى ماجدٍ بعينينِ غاضبتينِ وقال: بسببِكَ ضاعت فرصتي الوحيدة، وسأبقى جائعاً، ابتسمَ (ماجد) قائلاً: نعم، وسأمنعُكَ مرةً أُخرى إن حاولت، فقالَ القطُّ باستياءٍ: وما شأنُكَ أنتَ؟ هل هذه الحمائمُ ملكُكَ؟ فردَّ (ماجد) مُبتسماً: ليست ملكي، لكنَّها وجدت عندي الأمانَ والطَّعامَ، ولولا ذلكَ ما هبطت إلى الأرضِ وجعلتكَ تُفكِّرُ في صيدِها، فكيفَ تريدُني أنْ أخونَها وأتركَكَ تُحقِّقُ غايتَكَ؟ تراجعَ القطُّ خجِلاً، أطرقَ رأسَهُ ورحلَ بصمتٍ لا يقوى على الرد، وبعدَ لحظاتٍ حلَّقت الحمائمُ حولَ (ماجد) بطمأنينةٍ وهي تُزقزقُ كأنَّها تشكرُهُ على إنقاذِها، ابتسمَ (ماجد) وقالَ في نفسِهِ: ما أجملَ أن يكونَ الإنسانُ سبباً في نشرِ الأمان. قصة: مصطفى عادل الحداد رسوم: زاهد المرشدي

إتصل بنا

موقعنا