قصص سردية

كوبُ الشاي

كوبُ الشاي

كوبُ الشاي بعدما انتهتِ الأمُّ رباب من إعدادِ إبريقِ الشاي، نادت مُحدِّثةً ابنتَها فاطمة: الآن جاءَ دورُكِ لتسكبي لنا الشاي، ردَّت فاطمةُ بحماس: حسناً يا أُمِّي، ثُمَّ أسرعتِ الفتاةُ إلى المطبخ، غسلتِ الأكوابَ ووضعت السُّكرَ فيها بعناية، ثم بدأت تسكبُ الشايَ بهدوءٍ، وبينما هي منشغلةٌ، دخلَ أخوها محمد وهو يحملُ كوباً زجاجياً كبيراً وسميكاً، وقالَ بلهفةٍ: اسكبي لي في هذا الكوبِ يا فاطمةُ، ومن دونِ تردُّدٍ ملأت فاطمةُ كوبَهُ بالشاي الساخن، وما هي إلا لحظاتٍ حتى تفطَّرَ الكوبُ وتكسَّرَ وتناثرَ على الأرض، حينها أسرعت الأمُّ إلى المطبخِ قائلةً: خيراً إن شاءَ الله! ماذا حدثَ؟ ولحقَ بهم الأبُ قائلاً: هل أُصيبَ أحدٌ؟ ردَّت فاطمةُ بهدوءٍ: الحمدُ لله، لم يحدث شيءٌ، لكن قالَ محمد بغضبٍ: بسببكِ انكسرَ الكوبُ! كنتُ أُحبُّهُ كثيراً، يجبُ أن تذهبيَ غداً إلى السوقِ وتشتريَ لي واحداً مثلَه تماماً، سألَ الأبُ قائلاً: اشرحا لي ماذا حدثَ؟ وبعدما قصَّت فاطمةُ الموقفَ كما هو، نظرَ الأبُ إلى محمد قائلاً: إنك اخترتَ الكوبَ الخطأ، فقالَ محمد مستغرباً: ماذا تقصدُ يا أبي؟ ابتسمَ أبوهُ قائلاً: الزجاجُ السميكُ لا يُوصِلُ الحرارةَ بسرعة، فعندما نَسكبُ الشاي الساخنَ يصبحُ الجزءُ الداخليُّ للكوبِ شديدَ السخونةِ بينما يبقى الجزءُ الخارجيُّ بارداً، لذلك يتعرَّضُ الكوبُ للانكسارِ بسبب فرقِ الحرارة، أمَّا الكوبُ الرقيقُ فتنتقلُ الحرارةُ فيه بسرعةٍ من الداخلِ إلى الخارجِ فيتوزَّعُ الدفءُ بالتساوي، وهكذا يبقى سليماً، هزَّ محمد رأسَهُ قائلاً: يا لها من معلومةٍ علميةٍ جميلة، ثُمَّ ضَحِكَ الجميعُ، وجلسوا حولَ المائدةِ يحتسون الشايَ في جوٍّ من الدفءِ والرضا، حينها قالَ الأبُ: الأكوابُ تُكسَرُ، لكن الأُلفةَ بين القلوبِ لا تنكسرُ أبداً. قصة: مصطفى عادل الحداد رسوم: زاهد المرشدي

إتصل بنا

موقعنا