قصص سردية
سرُّ جمالِ الحياة
سرُّ جمالِ الحياة في ساحةِ المدرسة، بينما كان التلاميذُ يلعبون ويضحكون ويمرحون، كان حمزة جالساً وحيدًا تحت إحدى الأشجار يراقبهم بصمت، لاحظَ ذلك أحدُ المعلمين المراقبين الذين يتجولون في الساحة، اقتربَ منهُ قائلاً: لماذا تجلس وحيداً يا بني؟ نظر إليه حمزة نظرة تبدو عليها ملامح الحزن والكآبة، مسحَ المعلمُ على رأسهِ قائلاً: هل تعاني من شيء؟ وبصوت حزين قالَ حمزة: هل يبدو شعري قبيحاً فعلاً؟ قال المعلمُ: لماذا تقولُ ذلك، إنَّه جميل ومميز جداً، فأجابهُ حمزة: الكلُّ يضحكُ ويسخرُ وستهزأُ بي، يقولون لا يوجدُ طفلٌ شعره أبيض، من أين جئت بهذا؟ وما إن أنهى كلامه حتى رنَّ الجرسُ المدرسي وتحرك الجميعُ نحو الصفوف الدراسية، بقى كلامُ حمزة عالقاً في ذهن معلمه، وبعدما عادَ التلاميذ من الاستراحة، دخلَ المعلم إلى الصف وبدأ بشرحِ الدرس وبعد مرور جزء من الوقت أنهى المعلمُ الدرس سريعاً ثم قالَ للتلاميذ: قبل أن ننتهي من درسنا أُريدُ أن أخبركم بشيء، انصت الجميعُ بشغف لما سيقولهُ معلمهم، ابتسمَ المعلمُ قائلاً: هل تعلمون أن الله خلقَ الناسَ مختلفين في أشكالِهم وألوانِهم وصفاتهم؟ بعضهم طويل وبعضهم قصير، بعضهم شعره أسود، وبعضهم أشقر، وربما بني أو أبيض، تخيلوا لو كان العالم كله بلون واحد، أو بشعر واحد، أو بعيون متشابهة، هل سيكون جميلاً؟ ساد الصمتُ قليلاً ثُمَّ قالت مجموعةٌ من التلاميذ: لا ... بالتأكيد لم يبدو جميلاً، حينها أكملَ المعلمُ قائلاً: هناك أشخاصٌ قليلون جداً يولدون بشعرٍ أبيض، وهذا ليس عيباً، بل علامة نادرة تجعلهم مميزين، إنهم كالنجومِ في السماء ساطعٌ نورهم ثُمَّ اقتربَ المعلمُ من حمزة ووضعَ يده على كتفه قائلاً: حمزة نجمٌ في صفنا، وأنا فخور به، تبادل التلاميذ النظرات فيما بينهم، وشعر بعضهم بالخجل، حينها عرفوا إنهم أخطأوا التصرف مع صديقهم حمزة فتقدموا يطلبون الاعتذار والمسامحة منه، ومنذُ ذلك اليوم لم يعد حمزة يجلسُ وحيداً في ساحة المدرسة، بل صار يلعبُ مع أصدقائه الذين تعلّموا درساً عظيماً: أن الاختلافَ ليس سبباً للسخرية، بل هو سرُّ جمالِ الحياة. قصة: مصطفى عادل الحداد رسوم: زاهد المرشدي
أكثر المواضيع قراءة